بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
17/01/2009
فداء المدهون - الجزيرة توك - غزة
لم تتوقف طائرات الـ إف 16 الحربية عن القصف لساعات متواصلة ،ومع كل ضربة قريبة يهتز المنزل بما فيه من الأسّرة التي ينام عليها الأطفال فيستيقظ أبناء أخي لمى "6سنوات " ومحسن "4 سنوات" والذي اعتدت على قولهم مع سماع كل صوت انفجار "نحن لا نخاف لأننا أقوى والله معنا" لكن أصوات الانفجارات القوية والمتوالية خاصة أننا نسكن على شاطئ بحر غزة لا تسمح لكبير أ وصغير بأن يغمض عينيه ،فقد كانت ليلة أمس ليلة ً عصيبة قررت في صباحها أن أصطحب محسن ولمى برفقتي لشراء بعض الحاجيات وتغيير أجواء الليالي القاسية التي نعيشها .
وأنا أحاول إقناع والدتهم التي تخشى من خروجهم في شوارع غزة التي باتت هدفاً دائماً لطائرات الاحتلال فاجأها محسن أو" حسون" كما نناديه بقوله "ماما لا تخافي إذا متنا بنروح الجنة " ابتسمت والدته ورضخت مع كلماته وطلبت وقتأً قصيرا لتبدل ملابسهم
كانت فرحة حسون ولمى كبيرة وهم يفتحون باب المنزل ممسكين بيدي ويسيرون في الشارع يتلفتون يمنة ويسرة ويعلقون على ما يشاهدون ،ونحن ببداية الطريق فجأة توقفت لمى ووضعت يدها على فمها وبذهول سألتني "عمتو بيت فرح صحبتي انقصف ؟" وهي تشير إلى منزل بجوار مركز شرطة المنطقة المدمر ، هدأت من روعها وأخبرتها أنها أكيد تلعب مع إخوتها الآن فالقصف لم يطل منزلها ، وتابعنا مشوارنا وأنا أبحث بين عيون المارين في الشارع ، أطفالا كانوا أو كباراً لا أجد إلا تحدياً وصموداً وصبراً تراه مع لعبات الأطفال ومشاكساتهم ،ومع نظرات النساء ، وجلسات الشيوخ ،وصلابة الرجال ،التقطت الكثير من الصور لمشاهد بين أزقة غزة وشوارعها، لكن مُسحت غالبيتها، بعد أن استوقفنا أحد أفراد الشرطة بزيه المدني واعتذر وقال المسح سببه أمني فلا تصوير بين أزقة شوارع غزة أثناء الحرب ، وكل صورة قد تترك مدلولا لقوات الاحتلال ، احترمت وجهة نظره وسلمته كاميراتي ليحذف ما يشاء فهو يعلم ما لا أعلم .
وأكملنا سيرنا ، وطلب حسون ولمى أن يشتروا بعض الحاجيات من إحدى البقالة وبالطبع نزلت لرغباتهم ، ونحن في طريق العودة رن هاتفي المحمول بصوت الثائرة ميس شلش "ارحل يا غاصب لا تعود هادي غزة الجبارة " وقبل أن أجيب على الهاتف بادرني حسون بالسؤال "عمتو شو يعني غزة جبارة " فالتفت له لمى وقالت "يعني قوية ما بيقدروا اليهود يدخلوها "
انتابتني مع إجابتها مشاعر مختلطة وأنا أعاين نموذجا لأطفال فلسطين الواثقين قبل الكبار بان غزة عصية على الانكسار.
-------------------
أيها الإخوان ..... إلجموا نزوات العواطف بنظرات العقول وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف ... وألجموا الخيال بصدق الحقيقة والواقع واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة ... ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ولا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا تيارها واستعينوا بعضها على بعض وترقبوا ساعة النصر وما منكم ببعيد"
انشاء الله يعجبكوا